تأليف :
الشيخ إبراهيم بن شعيب المالكي
قاموس الثقافة
اختلف مفهوم الثقافة من عصر إلى عصر ، وهو مفهوم شديد التعقيد ؛ فقد كان خاصاً بالمعرفة الفكرية والوجدانية والوقائع التاريخية من فلسفات وفنون وآداب وتاريخ وأخبار .
والآن أصبح مرادفاً للمعلومات ، فهو في عرف أبناء ذا الزمان : مجموعة من الأفكار وجملة من الأشياء ، وعدد من المعلومات ـ ولو كانت سخيفة ـ يحصلها الفرد ، وعلى كلٍّ : هي انعكاس لأخلاقيات المجتمع .
وهذا مؤشر خطير من الوجهة التربوية ؛ فالمجتمعات التي تلهث خلف سراب الحضارة المُختلَقة الكئيبة . . هي في انحدار خطير إن لم يتنبه له عقلاء المثقفين ، فنحن نعاني من مشكلة توجيه الأفكار .
إن الثقافة تتدخل في شؤون الفرد وبناء المجتمع ، وهي مرآة تعكس صورة المجتمع على حقيقته ، ما هي أفكار أبنائه ومفاهيمهم ؛ فإما أن تكون على درجة من التقدم والرقي ، وإما أن تشوبها شوائب الفوضى والدجل والأوهام .
فالثقافة ـ على ما هو سائد ـ تكون تبعاً للمعلومات والأفكار ، فهي إيجابية وسلبية ، فمن الأول : ثقافة الحوار ، والصحوة ، والحب ، والمقاومة ، والتسامح ، ومن الثاني : ثقافة الفقر ، والوهم ، والخذلان ، وثقافة اللاثقافة !!
وهذا الكتاب يسلط الضوء على جملة واسعة من الثقافات ـ كما اصطلح ـ مما هو سائد في مجتمعاتنا ، مرتباً على حروف المعجم ، ليكون معجماً للثقافات : يُصوِّب بعضَها وينتقد بعضها ، ويسخر تارة ويضحك أخرى .
حاول المؤلف رحمه الله تعالى أن يستنفر المبرمجين والمتخصصين ؛ لتسليط الضوء على مكمن الخطر ، وموضع الداء العضال ؛ إنه نظام ثقافة القطيع الذي أثقل كواهل مجتمعاتنا .
فالثقافة تسبق التعليم ، وترافقه وتكيفه ، وتبقى معه ، فهي التي تصوغ العقل والضمير والوجدان ، وهي التي توجه السلوك ، وإن الثقافة التي امتصها الفرد تلقائياً من بيئته . . هي خريطته النفسية .
هي نفثات مكلوم على مجتمعه وثقافة هذا المجتمع ، أراد بثَّها لعلها تجد آذاناً صاغية وقلوباً واعية ، لعل هذا السفر يساهم في إعادة البناء بعد التفكيك في ضوء التجارب النافعة ، ويساعد في تشييد البُنى الثقافية لدى شبابنا ، ويأخذ بأيديهم لتطوير الأنظمة الفكرية ؛ لتلتقط رسائل المثاقفة السليمة النافعة ، ويكتشفوا الثقافة المزيفة المضرة ، ومن ثم يجتنبوا ويحذروا تلك الثقافة المفخخة الغادرة .
وبالله التوفيق
|