تأليف :
العلامة الشيخ أحمد جابر جبران
دروس أصول الفقه المكية
علم أصول الفقه هو العلم الذي يأوي إليه الأعلام عند تحرير المسائل وتقرير الدلائل في غالب الأحكام ؛ لأن مسائله المقررة وقواعده المحررة تؤخذ مُسلَّمة عند كثير من الناظرين ، وقواعده هي الفيصل بين المتناقشين .
فهو علم جليل قدره ، وبيِّنٌ شرفه وفخره ، عليه تبنى الفروع والقواعد ، وإليه ترجع الشوارد من المسائل والأوابد ، كيف لا وبه يعرف أصول الدين ، وعليه تبنى قواعد الشرع المتين ؟!
لقد فهم الصدر الأول ما في طيات آي الذكر الحكيم ، وألفاظ حديث النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم ؛ لأن العرب في أوائل الإسلام كانوا أعرف الناس بمقاطع الكلام وما يشير إليه : من مفهوم ومنطوق ، وعموم وخصوص ، وإطلاق وتقييد ، وحقيقة ومجاز ، وكنايات واستعارات ، وحكم ذات علل قوية تُلحِق الفروع بالأصول .
ولما اتسعت رقعة الإسلام ، ودخل الناس في دين الله أفواجاً . . تراجعت تلك السليقة بكثرة مخالطتهم للشعوب الأخرى ، وقد تكفل الله سبحانه بحفظ الشريعة المطهرة ، فقيض لها من يذود عنها ، ويدافع عن حياضها ، فكان أول من أفرد هذا الفن بالتأليف كعلم مستقل الإمام الشافعي رضي الله عنه ، فكتب فيه كتابه الذي تلقته الأمة بالقبول ، إنه كتاب « الرسالة » ثم جاءت المؤلفات بعده تترى ، ومن أحسنها : كتاب « المحصول » للإمام الرازي ، و « المنهاج » للبيضاوي ، و « المنار » للنسفي ، و « التحرير » لابن الهمام ، و « نشر البنود » للشنقيطي . . . إلى آخر ما هنالك .
وأحسن المتون تأليفاً : « متن جمع الجوامع » للعلامة السبكي رحمه الله تعالى ؛ حيث انتخبه من زهاء مئة مصنَّف ، فغدا منهلاً للواردين يروي ويمير ، إلا أن الهمم كلَّت واحتاجت لمن يشحذها ، فشمر العلامة الفقيه الأصولي المتفنن الشيخ أحمد جابر جبران المكي اليمني رحمه الله تعالى عن ساعده ، وامتشق يراعته ، وحبَّر هذا السفر الذي يعد اللبنة الأولى لعلم الأصول .
لقد بسَّط مسائله وأبحاثه بعبارة عذبة ميسرة ، وأتى بالأدلة وعقَّب كل بحث بالأسئلة التي تعين الطالب على فهم هذه المباحث ؛ التي جعلها مقسَّمة على دروس سهلة المأخذ ، قريبة للطالبين ، نافعة للمبتدئين .
فمن أراد أن يغترف من معين أصول الفقه . . فليرد هذا المورد العذب ، فيعل وينتهل حتى يرتوي بإذن الملك العلام .
سائلين المولى القبول وحسن الختام
|